قسنطينة يوم 11/09/2005

          بلاغ جمعية الشعرى لعلم الفلك

حول "كسوف رمضان 1426"

تخبر جمعية الشعرى لعلم الفلك الجمهور بحدوث ظاهرة فلكية متميزة ستحدث بعد بضعة أسابيع والتي ستشاهد بصفة متفاوتة من جميع أنحاء الوطن.

هذا الحدث هو الكسوف الحلقي للشمس ليوم 3 أكتوبر المقبل مع حلول شهر رمضان. ويمتد شريط الحلقية أين يتجلى الظاهرة بكاملها من المنطقة الوسطى في الشمال إلى الحدود الجنوبية لتونس. وتقع عدد من المدن الكبرى في موقع مفضل لرصد الظاهرة وعلى وجه الخصوص جزائر العاصمة، تيزي وزو، سطيف وباتنة.

كسوف "جزائري" إلى حد بعيد:

إن لهذا الكسوف أكثر من دلالة إذ يقع بلدنا في موقع مفضل لرصده. وبالتالي سيكون مركز الاهتمام لوسائل الإعلام. وعلى الرغم من أن شريط الحلقية يمر أولا على إسبانيا، إلا أن الظروف المناخية المتوسطة في هذه الفترة من السنة بالنسبة لأوربا، وبالإضافة إلى تواجد الشمس منخفضة على الأفق هناك، ستوضع الجزائر في مكانة مفضلة للرصد.

أما ظاهرة الكسوف الحلقي فهي نادرة الحدوث بالنسبة لموقع معين، فكان آخر كسوف حلقي شاهدته الجزائر يوم 30 ماي 1984م في حين أن الكسوف الحلقي المقبل سوف يحدث في 1 جوان 2030م. لا شك أن كسوف 3أكتوبر يعتبر الحدث الفلكي لهذا العام بالنسبة للجزائر.

من جهة أخرى، يتميز هذا الكسوف بكونه يعلن بداية شهر الصيام إذ سيتطابق مع اقتران شهر رمضان (ذلك الاقتران الذي يحدد إمكانية رؤية الهلال بداية شهر رمضان). فمع الاقتران – أي حدوث الكسوف – يبدأ القمر في تشكيل هلاله، وبالتالي يمكننا تسمية هذا الكسوف الحلقي بكسوف رمضان 1426ه.

الظروف الخاصة للكسوف:

ستتكون البقعة الحلقية على الساعة 9:41 في المحيط الأطلسي مع شروق الشمس، لتقطع بعد ذلك قطريا كل من البرتغال وأسبانيا مكونة شريطا حلقيا مظلما على سطح الأرض.

وتصل شريط الحلقية السواحل الجزائرية على الساعة 10:08 لتظلم السماء بصفة معتبرة على جبهة الجزائر العاصمة- بومرداس- بجاية، ليواصل تقدمه نحو الجنوب الشرقي مرورا بكل من الولايات التالية: تيزي وزو، البويرة، برج بوعريريج، سطيف، ثم قسنطينة، باتنة، أم البواقي وبسكرة.

على الرغم من أن طور الحلقي يمثل ذروة الكسوف بالنسبة للمناطق المقطوعة من طرف شريط الحلقية، إلا أن ظاهرة التظليم الجزئي للشمس الذي يمثل الطور الجزئي، سيبدأ قبل هذا الوقت بأكثر من س 1:30. بالتالي، فسكان العاصمة مثلا سوف يشاهدون تنحيت حافة الشمس من طرف قرص القمر ابتداءا من الساعة 8:45 صباحا.

على العموم، يتمركز شريط الحلقية على المحور تيزي وزو- باتنة قاطعا بلدنا قطريا بعرض حوالي 160 كلم. أما شريط الكسوف الجزئي فيمتد على جانبي الشريط مغطيا جزءا كبيرا من إفريقيا، أروبا، الشرق الأوسط والهند. والقاعدة هي أن كلما ابتعدنا عموديا عن شريط الحلقية، كلما كانت نسبة الجزئية أقل قيمة.

أما نسبة التظليم للكسوف سيأخذ قيمتة الصغرى عند بتيندوف أين ستصل إلى 60%. لاحظ أن هذه القيمة للكسوف الجزئي هي أكبر من قيمته للكسوف التاريخي لـ 11 أوت 1999م إينما وصلت بالعاصمة مثلا  إلى 55 !%

ستغادر بقعة الظلام بعدئذ الجزائر على حوالي الساعة 10:15 ليقطع جنوب تونس ثم ليبيا، والسودان قطريا، ثم تلامس إثيوبيا شمالا وتمر بعدئذ على الكينيا من طرفها الجنوب شرقي، لتغادر بعدئذ القارة الإفريقية عبر أقصى جنوب الصومال على الساعة 12:30. وبعدها سيقطع شريط الحلقية جزءا من المحيط الهادي أين سينتهي في وسطه على الساعة 13:22 عند غروب الشمس بهذا المكان.

لا شك أن كسوفا حلقيا ليس بكسوف كلي أينما نمر من النهار إلى الليل بطريقة مفاجئة، وهذا يرجع إلى كون القمر عند حدوث كسوف 3 أكتوبر يتحرك في مداره على مسافة أكبر من المسافة المتوسطة من لأرض، مما لا يسمح له بالتغطية الكاملة لقرص الشمس. فعند تطابق المركزين سيرى من الشمس منطقة حلقية نيرة مكونة ظاهرة الكسوف الحلقي. ويمثل هذا التطابق للمركزين حالة اقتران تام، مثل الكسوف الكلي، وبالتالي تسمى هذا النوع من الكسوفات بالكسوفات المركزية.

ونلاحظ أن ذروة الكسوف الذي يحدث في وسط السودان يتطابق بصفة شبه كلية مع اقتران هلال رمضان إذ يحدث على االساعة 11:28.

أطوار الكسوف بالنسبة لأهم المدن الجزائرية:

ستجد تفاصيل إضافية حول هذا الكسوف وخاصة جدول مواقيت حدوث المراحل المختلفة للكسوف بمعظم ولايات الوطن عند الموقع : http://www.siriusalgeria.org/eclipse2005

"الخاتم الناري": تحذيرات أمنية حول رصد الكسوف

على الرغم من أن الجزء الأكبر من الشمس مغطى من طرف قرص القمر، إلا أن المنطقة الحلقية وبالأحرى، المنطقة المتبقية للشمس خلال الطور الجزئي،  يكون خطرا للبصر في حالة الإمعان المباشر. وقد سميت الكسوف الحلقي بـ « The Ring of Fire »، أي الحلقة النارية.

فالطرق الآمنة لرصد الظاهرة هي أساسا إما باستعمال نظارات الكسوف تكون في حالة جيدة (دون خدش...) أو بإسقاط الصورة الملتقطة عن طريق جهاز بصري (منظار مزدوج، تلسكوب...) على سطح أبيض.

أما الوسائل الأخرى مثل استعمال نظارات شمسية (وحتى المزدوجة)، قرص مدمج (CDRom)، زجاج مفحم، فيلم التصوير حتى إذا كانت الصور بالأبيض والأسود، فيلم بالأشعة السينية مظلم، كلها خطيرة وقد تؤدي إلى فقدان البصر.

 بما أن الاحتراق غير مؤلم بتاتا، يمرّ كل هذا دون أن نعلمه.

برنامج ثري من نشاطات  ورصد

إن جمعية الشعرى لعلم الفلك ستنظيم حملة تحسيسية بالتنسيق مع السلطات العمومية والمؤسسات التربوية لتنوير الجمهور حول حيثيات هذه الظاهرة والطرق الآمنة للرصدها.

كما ستخصص صالونها السنوي الرابع لعلم الفلك الجماهيري حول موضوع كسوف 3 أكتوبر. وقد برمجت ورشات تكوينية مع جمعيات فلكية من كل أنحاء الوطن حول كيفية الرصد وتصوير الكسوف، تأطرها فلكيين من بلدان عربية وأوربية. وسيتوج الصالون بحملة رصد واسعة النطاق لفائدة الجمهور. والدعوة مفتوحة للمشاركة جمعيات لم تسجل بعد.

أما حملة الرصد، فستكون من كل من ساحة مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، والملعب سفوحي بباتنة بالتعاون مع بلدية باتنة، وتكون مفتوحة للجمهور العام.

كسوف ... الأمل

هناك سيناريو " كارثي" الذي قد يحدث والذي نود تفطن الجمهور بإمكانيته، وقد حدث سابقا حالات مماثلة لهذه الحالة.

هي في حالة رصد خاطئ لهلال شعبان والذي قد يؤدي إلى جعل ليلة الشك يوم 2 أكتوبر. في هذه الحالة ولقدر الله "رؤي الهلال" على الرغم من أن قمر رمضان لم يلد بعد، أي القمر موجود تحت الأفق عند غروب الشمس، سنكون في حالة صيام يوم الكسوف، وهذا مستحيل ! نأمل أن لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية سوف ترفض أي تقرير الذي يفيد برؤية هلال مزعوم في هذه الحالة. ويجدر الإشارة أنه حتى رصد الهلال مساء يوم االإثنين 3 أكتوبر 2005، أي ليلة الكسوف، غير ممكن كذلك، لأن عمر القمر في وقت الغروب لذلك اليوم غير كاف ليتشكل الهلال وبالأحرى ليرى. بالتالي، يبدو أن بداية رمضان لا يمكن أن يحدث إلا ابتداء من 5 أكتوبر وليس قبل. ونتمنى أن حدوث الكسوف هذه السنة سيمنع من قبول رصد هلال غائب إن شاء الله.

وبعد ...

إن الموعد المقبل مع الكسوف بالنسبة لبلادنا هو في 29 مارس 2006 أي 6 أشهر بالضبط بعد كسوف 3 أكتوبر، وسوف يكون جزئي في الجزائر وكلي بالنسبة لليبيا وبعض بلدان أخرى من إفريقي وأوربيا.;وسوف تتراوح  نسبة التظليم بين 85%بجانت إلى 50% على المحور وهران - تيندوف.

نذكر كذلك أن في منتصف شهر رمضان، أي يوم 17 أكتوبر، سيحدث خسوفا ( قمريا) جزئيا الذي سيرى فقط من أمريكا الشمالية والمحيط الهادي.

أ.د.جمال ميموني

معهد الفيزياء، جامعة منتوري، قسنطينة

رئيس اللجنة العلمية لجمعية الشعرى لعلم الفلك

عضو المكتب التنفيذي لاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك